سورة النور - تفسير تفسير الشعراوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النور)


        


{لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ(12)}
يُوجِّهنا الحق تبارك وتعالى إلى ما ينبغي أن يكون في مثل هذه الفتنة من ثقة المؤمنين بأنفسهم بإيمانهم، وأنْ يظنوا بأنفسهم خيراً وينأَوا بأنفسهم عن مثل هذه الاتهامات التي لا تليق بمجتمع المؤمنين، فكان على أول أُذن تسمع هذا الكلام على أول لسان ينطق به أن يرفضه؛ لأن الله تعالى ما كان ليُدلس على رسوله وصَفْوته من خَلْقه، فيجعل زوجته محلَّ شكٍّ واتهام فضلاً عن رَمْيها بهذه الجريمة البشعة.
{لولا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المؤمنون والمؤمنات بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هاذآ إِفْكٌ مُّبِينٌ} [النور: 12] كان من المنتظر قبل أن تنزل المناعة في القرآن أن تأتي من نفوس المؤمنين أنفسهم، فيردون هذا الكلام.
و(لولا) أداة للخصِّ والحثِّ، وقال: {المؤمنون والمؤمنات..} [النور: 12] لأنه جال في هذه الفتنة رجال ونساء، والقرآن لا يحثهم على ظنِّ الخير برسول الله أو زوجته، وإنما ظن الخير بأنفسهم هم؛ لأن هذه المسألة لا تليق بالمؤمنين، فما بالك بزوجة نبي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟
{وَقَالُواْ..} [النور: 12] أي: قبل أن ينزل القرآن ببراءتها {هاذآ إِفْكٌ مُّبِينٌ} [النور: 12] يعني: كذب متعمد واضح بيِّن لأنه في حق مَنْ؟ في حق أم المؤمنين التي طهَّرها الله واختارها زوجة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم يقول الحق سبحانه: {لَّوْلاَ جَآءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ..}.


{لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ(13)}
وسبق أنْ ذكرت الآيات حُكْم القذف، وأن على مَنْ يرمي المحصنة بهذه التهمة عليه أن يأتي بأربعة شهداء ليثبت صِدْق ما قال، فإنْ لم يأْتِ بهم فهو كاذب عند الله، ويجب أنْ يُقام عليه حَدُّ القذف.
ثم يقول تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ..}.


{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(14)}
{أَفَضْتُمْ..} [النور: 14] أن تندفع إلى الشيء اندفاعاً تقصد فيه السرعة، ومعنى السرعة أن يأخذ الحدث الكبير زمناً أقلَّ مما يتصوّر له، كالمسافة تمشيها في دقيقتين، فتسرع لتقطعها في دقيقة واحدة، فكأنهم أسرعوا في هذا الكلام لما سمعوه، كما يقولون: خبَّ فيها ووضع.
لكن، لماذا تفضَّل الله عليهم ورحمهم، فلم يمسَّهم العذاب، ولم يُجازهم على افترائهم على أم المؤمنين؟
قالوا: لأن الحق تبارك وتعالى أراد من هذه المسألة العبرة والعظة، وجعلها للمؤمنين وسيلةَ إيضاح، فليس المراد أن يُنزل الله بهم العذاب، إنما أن يُعلمهم ويعطيهم درساً في حِفْظ أعراض المؤمنين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8